فصل: المحور الثاني: إسرائيل عارية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: قراءة في فكر علماء الإستراتيجية (نسخة منقحة)



.المحور الثاني: إسرائيل عارية:

تحت هذا العنوان نشرت جريدة الأهرام صباح يوم 19 أكتوبر 1997 مقالة الأستاذ سعد الدين وهبة، يعرض فيه محاضرة- المفكر الفرنسي جارودي فيما يتصل بالصراع العربي الصهيوني:
إسرائيل لا تستطع أن تحيا أشهرا بدون مساعدة من الولايات المتحدة.
يجب أن نعرف أننا نهزم الصواريخ بالحجارة.
الانتفاضة شيء جيد جدا، يثبت فيه الشعب الفلسطيني أنه موجود.
إن 80% من الموارد الطبيعية في العالم الثالث يجب أن تتضاعف، العلاقات التجارية بين الجنوب، وأن تلتزم هذه الدول بمقاطعة جذرية لكل ما هو أمريكي، سواء كانت منتجات صناعية من الكوكاكولا إلى الأفلام، وكذلك مقاطعة إسرائيل، أعتقد أن هذا هو السلاح الوحيدة المتاح حاليا.
وعرض الأستاذ/ سعد الدين وهبه لما قال رجاء جارودي:
إن جوهر السياسة الأمريكية هو إيجاد عدو تحاربه، وترهب به الآخرين، ويكون حجتها في التسليح، فمنذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وعلى مدى نصف قرن من الزمان، كان العدو الرئيسي الذي يحرك السياسة الأمريكية هو التهديد السوفيتي، وكان باسم ا لأمن الأمريكي تعتدي أمريكا على أي دولة وأي شعب في العالم، فمن فيتنام إلى كوريا، ومن أمريكا اللاتينية إلى إفريقيا، كانت الولايات المتحدة دائما السند القوى للنظم الديكتاتورية في جميع أرجاء العالم، كانت تحمى شاه إيران، والديكتاتوريين الصغار في أمريكا اللاتينية، كما تحمى التفرقة العنصرية في جنوب إفريقيا.
وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي كان لابد من إيجاد بديل ليقوم بدور (إمبراطورية الشر) التي يجب محاربتها على مستوى القارات الثلاث، وكان هذا العدو الجديد هو الإسلام، الذي صورته أمريكا أمام العالم مرتبطا بالإرهاب، وكان هذا الإرهاب وهو الإسلام في نظر أمريكا، هو المبرر للاستمرار في سباق التسليح، كما كان فرصة للتدخل العسكري والاقتصادي في جميع أنحاء العالم. كانت الحروب الكبرى السابقة مثل الحرب العالمية الأولى والثانية، ومثل حروب القرن السابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر! جميعها تقع بين أقطار أوربية، كانت أوربا تحارب أوربا، حتى في الحرب الباردة كانت بين دول أوربية. وبعد انتهاء هذه الحرب خرجت السياسة الغربية من مرحلة الحرب، لتصبح مركز التفاعل بين الحضارة الغربية والحضارة غير الغربية، وبدأ الغرب يطور صور التعاون، والوحدة داخل الحضارة التي يمثلها خاصة بين مكوناتها الأوربية، تلك التي تقع في شمال أمريكا اللاتينية، التي لها ثقافات قريبة من الثقافة الغربية، وكان من أول أهداف هذا التكوين الحد من زيادة القوة العسكرية للدول ذات الحضارات الأخرى، ابتداء من الكونفوشيسية حتى الإسلام، وعلى الغرب أن يحتفظ بالقوة الاقتصادية والعسكرية التي تعتبر ضرورية لحماية مصالحهم في مواجهة هذه الحضارات، وكانت ركيزة هذه الحضارة الغربية في منطقة الشرق الأوسط هي إسرائيل، فهذه الدولة خلقت في هذه المنطقة من العالم لتكون قلعة وحصنا للحضارة الغربية ضد البربرية، وهذا هو قول هرتزل أبو الصهيونية العالمية، وأول من نادى بالدولة اليهودية، ونشر هذا في كتاب بعنوان: الدولة اليهودية، والذي أصدره في عام 1895، لم يكن هرتزل يهوديا مؤمنا، لم يكن يبحث لليهود عن وطن- كما يقال- بل إنه كان ملحدا لا دينيا، ولكنه كان يبحث للغرب والحضارة الغربية عن نقلة للانقضاض على الحضارات الأخرى، التي سماها بالحضارة البربرية- ومنها الإسلامية- وهذا هو الذي أغرى الدول بتطوير أسلحتها، وإعداد القنابل النووية، وكتبت صحيفة ها آرتس الإسرائيلية في يونيو 1975، مقالاً بقلم الصهيوني شلوموا هارمسون جاء فيه:
إن السلاح النووي هو إحدى الوسائل التي تستطيع إسرائيل أن تقضى بها على الآمال العربية، في تحقيق نصر نهائي على إسرائيل، فيكفى عدد محدود من القنابل النووية لتوقع الخسائر الضخمة في جميع العواصم العربية. وتؤدى إلى انهيار سد أسوان في مصر. وكمية إضافية من هذه القنابل سوف تمكننا من الوصول إلى المنشآت البترولية، كما أن في العالم العربي آلاف الأهداف التي سيؤدى تدميرها إلى حرمان العرب من جميع المزايا التي اكتسبوها خلال حرب عيد الغفران (حرب 1973).
ويواصل الأستاذ/ سعد الدين وهبة استشهادته على أقواله بالعلماء والمفكرين العالميين. فقال:
ويصف جارودي إسرائيل بأنها جندي البترول في الشرق الأوسط لحساب أمريكا والغرب، ومن هنا نستطيع أن نفهم كيف أمكن لإسرائيل الصهيونية أن تنال مثل هذه الأهمية في الإستراتيجية العالمية، بحيث أصبحت تهدد السلام العالمي.
إن دولة إسرائيل ليست فقط مسؤولة عن حماية الاستعمار الجماعي للغرب تحت الهيمنة الأمريكية فحسب؟ بل إنها أصبحت بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية جزءاً رئيسيا من علاقات القوى على الساحة الكونية متعدية بذلك نطاق الشرق الأوسط. وتحدث جارودي عن أمريكا وعن سيطرتها على الاقتصاد العالمي بمؤسسات استعمارية اقتصادية هي البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، والجات، وتحدث عن انهيار الفن في أمريكا وتحوله إلى سلعة صاخبة، والسينما تقوم على الجنس والدم، والفنون التشكيلية سخيفة وساذجة، وكل ذلك نتيجة لاقتصاد السوق، والقيمة التي تعلو على القيم في أمريكا، والمجتمعات الغربية، وهى أن كل شيء معروض في السوق، وكل شيء ومنها الذمم والضمائر والقيم معروضة للبيع والشراء، ولكل شيء ثمنه.
ثم ختم الأستاذ/ سعد الدين وهبة استدلالاته بجارودي، فقال: تحدث جارودي عن الأساطير الصهيونية قديمها وجديدها، وفندها تفنيدا واضحا، وكشف الزيف والكذب في كل ما قالت به الصهيونية، والصهيونية كحركة عنصرية سياسية هدفها السيطرة وتحقيق حلم إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات.
وليس ما يحدث إذن بعملية سلام بأي شكل من الأشكال، وإنما هو وضع يذكرنا بتلك الاتفاقيات التي فرضها هتلر على المارشال بيتان عند اجتياح فرنسا، فقد اقترح هتلر على بيتان أن يترك له سلطة الحكم الذاتي على نصف الأراضي الفرنسية بشرط أن يقوم هو بمنع أي هجوم ضد القوات الألمانية، وهذا الاتفاق يشبه إلى حد كبير ما تفرضه إسرائيل على الفلسطينيين، حيث يوافقون على وجود قوات شرطة فلسطينية بشرط أن تظل دولة إسرائيل في أمان.
الفرق الوحيد بين الحالتين أن بيتان كان لديه خيار آخر، حيث كانت إنجلترا مستمرة في الحرب، وكانت الجزائر لا تزال فرنسية، وبالتالي كان بإمكان بيتان استكمال القتال مستعينا بالقوات الموجودة في الجزائر، وهذا بالضبط ما فعله ديجول.
وقد وجه الأستاذ سعد الدين وهبة مجموعة أسئلة للمفكر الفرنسي جارودي:
1- هل يمكن أن تحقق هذه الاتفاقيات أهداف الفلسطينيين؟ فأجاب:
من المؤكد أن ذلك لا يمكن أن يحقق أهداف الفلسطينيين، كذلك ما الذي يمكن أن يقدمه اتفاق وادي عربة، فهو استمرار المهزلة طبقا لنفس القواعد، لذا فقد سعدت برفض الرئيس مبارك المشاركة في تلك المهزلة.
2- هل تضع سياسة بيريز تصورا جديدا للشرق الأوسط؟ فأجاب:
ليس هناك إذن خلاف جوهري بين نيتانياهو وبيريز في هذا الصدد (بناء المستوطنات وتنميتها).
3- ما رأيكم في بنيامين نيتانياهو؟ فأجاب:
أنا لا أعرفه، ولكن كل ما أعلمه عنه أنه من حزب جابوتنسكي وشامير، إذن فهو خليفة كل أولئك القتلة المسؤولين عن مذبحة دير ياسين وجرائم أخرى.
4- هل يمكن لهذا الشخص أن يحقق سلاما في الشرق الأوسط؟ فأجاب:
لا يمكن طبعا، لقد جاء لتحقيق كل ما نادى به آباؤه الروحيون، أي مشروع إسرائيل العظمى من النيل إلى الفرات، التي ستستند إلى تفتيت الدول المجاورة، وهى: العراق، إيران، سوريا، الأردن، مصر، لبنان.
3- وما هو دور الولايات المتحدة؟
إن الولايات المتحدة ليست مهتمة بعملية السلام بأي حال من الأحوال. إن كل ما يهمها هو إبقاء الوضع على ما هو عليه، بل إساءة الموقف، كل ما يهمها هو البترول الذي يمثل أساس التنمية الغربية والتحكم في العالم كله، وهذا ما يحقق مشاريع إسرائيل الحالية.
6- هل يستطيع الاتحاد الأوربي أن يلعب دورا في أزمة الشرق الأوسط؟
نعم. لكن منذ اتفاقية ماستريخت التي تنص على أن الاتحاد الأوربي لا يمكن إلا أن يكون الدعامة الأوربية لائتلاف حلف الأطلنطي، وهم أيضا المستعمرون القدامى، بعد الحرب العالمية سقطت إنجلترا وفرنسا، وأصبحت الولايات المتحدة هي القوة الوحيدة، وكانت تملك نصف ثروات العالم، وبالتالي فإن أوربا تستطيع بالفعل، ولكنى لا أعرف إذا كانت ستجد القوة اللازمة لذلك، فهناك ألمانيا التي تمثل قوة حقيقية، والقوة الوحيدة في أوربا، ولكنها أيضا إحدى دعائم حلف الأطلنطي.
7- إذا وصل الجمهوريون إلى السلطة في الولايات المتحدة فهل تعتقد أن السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط سوف تتأثر بذلك؟.
لا أعتقد أن السياسة الأمريكية متمثلة في التعددية الحزبية. والديمقراطية ما هي إلا مجرد أكذوبة: الحقيقة أن هناك حزبا واحدا ذا فرق كثيرة، الفرقة التي تكسب يستأثر حلفاؤها بالمناصب العليا؟ ولكن السياسة هي في الحقيقة واحدة، الفرق الوحيد بين الحزبين هو تاريخ، حيث إن الحزب الجمهوري كان يمثل في الأصل الجنوب الزراعي، أما الحزب الديمقراطي فكان يعبر عن الشمال الصناعي، ولكن هذا عهد مضى مع تحول الولايات المتحدة إلى الصناعة.
8- إذا نجح كلينتون لن يكون بحاجة إلى أصوات اليهود الأمريكيين، وهذه هي فترة رئاسته الأخيرة، فهل يمكن أن يتغير موقفه؟.
أ- مشكلة كلينتون داخل الحزب الديمقراطي ليست أصوات اليهود، فليس هناك سوى 6 ملايين يهودي في الولايات المتحدة، لكنه لا يحتاج إلا إلى أموالهم، 60% من الأموال لنجاح الحزب الديمقراطي مصدرها اليهود، فإذا كان الرئيس هو كلينتون، أو أي شخص آخر هذه ليست المشكلة. وهم يحتاجون أيضا إلى إعلامهم وهو إرسال شركات هوليود وشبكات تليفزيون، كما أن ثلاث من قيادات جهاز المخابرات الأمريكي من اليهود، بل يمكننا أن نقول إنهم صهيونيون.
ب- إن أوربا الغربية (إنجلترا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا) وروسيا قامت بمساندة الصهيونية العالمية، وحماية إسرائيل، ثم انضمت إلى هذه المجموعة، بل تولت قيادتها الولايات المتحدة الأمريكية، الهدف من وجود إسرائيل إذا كما يتصور جميع هؤلاء حماية الحضارة الغربية ضد الإسلام والمسلمين.
ج- وكان اختيار فلسطين لإنشاء هذه الدولة اختيارا عبقريا، فإسرائيل في هذا المكان تتمتع بموقع إستراتيجي فريد على مفترق الطرق بين أوربا وآسيا وإفريقيا وهى الميزة التي تتمتع بها مصر.
د- كما أن إسرائيل ذات موقع اقتصادي مهم، في قلب هذا الجزء من العالم الذي يحوي نصف بترول العالم، عصب التنمية (بالمعنى الغربي)، وهناك أيضا تلك الأسطورة اللاهوتية عن (شعب الله المختار) والتي تستخدم لتغطية أطماع الغرب في الموقع الإستراتيجي، والموقع الاقتصادي لإسرائيل. وتضع تجاوزاتها، بل وأخطاءها فوق أي قانون، وأي عقوبة بشرية، باعتبار أن كل ما تفعله هو تنفيذ لإرادة الله، ولذلك فقد أصدرت الأمم المتحدة 192 قرارا ضد إسرائيل، لم تنفذ منها قرارا واحدا، إنها تعتبرها جميعها- كما قال رؤساء إسرائيل- حبر على ورق، ولذلك تم تسليح إسرائيل التي تقف بالمرصاد للمسلمين والعرب، ثم لتحقيق هذه المهمة.
كما تحدث جارودي عن الإسلام وكيف أنه الأمل كله في الخروج بالأمة من محنتها الحالية، ووضع لذلك شروطا، أن يكون إسلاماً حقيقياً كما نزل من السماء، لا إسلام الإرهاب والضلالات). اهـ.